2025-07-04
يُعتبر كتاب “الخلافة في العربية السعودية” للباحث جوزيف أ. كشيشيان من الأعمال المهمة التي تتناول التاريخ السياسي والديني للمملكة العربية السعودية، حيث يقدم تحليلاً عميقاً لفكرة الخلافة وتأثيرها على تشكيل الهوية السياسية للدولة السعودية.
السياق التاريخي للخلافة في السعودية
يتناول كشيشيان في كتابه فكرة الخلافة الإسلامية وكيفية تفاعلها مع التطورات السياسية في الجزيرة العربية. يشير إلى أن المملكة العربية السعودية، رغم عدم تبنيها رسمياً لمصطلح “الخلافة”، إلا أن نظام الحكم فيها استمد شرعيته من ارتباطه الوثيق بالدين الإسلامي وتطبيق الشريعة.
يبرز الكتاب كيف أن التحالف التاريخي بين آل سعود والعلماء الدينيين، وخاصةً مع حركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، ساهم في صياغة نموذج حكم يجمع بين السلطة السياسية والمشروعية الدينية.
الخلافة والهوية السياسية
يطرح كشيشيان تساؤلات حول ما إذا كانت السعودية تسعى لأن تكون مركزاً للخلافة الإسلامية، خاصةً في ظل مكانتها الدينية كحاضنة للحرمين الشريفين. ويوضح أن المملكة، رغم نفوذها الديني، تفضل اتباع سياسة خارجية متوازنة بدلاً من الدعوة الصريحة لفكرة الخلافة.
كما يناقش الكتاب التحديات التي تواجه السعودية في ظل تعدد التيارات الإسلامية، بدءاً من المد الوهابي وصولاً إلى صعود جماعات الإسلام السياسي. ويشير إلى أن المملكة تحاول الحفاظ على توازن دقيق بين تعزيز نفوذها الديني وتجنب الاصطدام مع القوى الإقليمية والدولية.
الخلافة في العصر الحديث
في القسم الأخير من الكتاب، يتناول كشيشيان تأثير العولمة والتكنولوجيا على مفهوم الخلافة، وكيف أن السعودية تستخدم أدوات مثل المؤسسات الدينية ووسائل التواصل الاجتماعي لنشر رؤيتها للإسلام. كما يناقش التغيرات الداخلية في المملكة، مثل رؤية 2030، وتأثيرها على الخطاب الديني والسياسي.
الخاتمة
يخلص كتاب “الخلافة في العربية السعودية” إلى أن المملكة، رغم عدم تبنيها لمفهوم الخلافة بالمعنى التقليدي، إلا أنها تظل لاعباً رئيسياً في المشهد الإسلامي العالمي. ويؤكد كشيشيان أن السعودية تتبع نموذجاً فريداً يجمع بين الأصالة الدينية والحداثة السياسية، مما يجعل دراستها أساسية لفهم مستقبل العالم الإسلامي.
يُعد هذا الكتاب مرجعاً قيماً لكل باحث في الشؤون السعودية والإسلامية، حيث يقدم رؤية شاملة لتاريخ المملكة وسياستها الدينية في سياق متغير.